
هل سمعت مصطلح المسيحانية، ولم تتوقف عنده؟ ..
إذا فأنت ينقصك الكثير من المعرفة التى ستؤثر على مستقبلك وأمن الشخصي والقومى، لأنه أساس من الأسس المتطرفة للمشروع الصهيوني المجاور لمصر
ولذلك كان من المهم أن نعرف كل تفاصيله وأسراره من الخبيرة الكبيرة في هذا الملف الخطير، أ.د هدى درويش عميد كلية الدراسات الأسيوية بجامعة الزقازيق ورئيس مركزها للدراسات الاستراتيجية
والآن، إلى نص الحوار، الذي شرفت بإجراءه مع عالمتنا الجليلة
انتشر مصطلح المسيحانية خلال الفترة الأخيرة في المشهد الإسرائيلي ، فما هو معنى هذا المصطلح؟
المسيحانية هو مصطلح لكلمة مشيحوت يرتبط بفكرة مجيء مسيح من نسل داود في نهاية الزمان. ومهمته خلاص اليهود من التشتت والهزائم التي لحقت بهم على طول الزمان، ويعتقدون أنه إنسان سماوى مرسل من الإله ذو طبيعة تجمع بين الإله والإنسان ممسوح بالزيت المقدس يقوم بجمع المنفيين من اليهود، ويعود بهم إلى صهيون، ويعيد بناء الهيكل، ويحكم بالشريعة، وقد ذكرت بداية نشأته في نصوص العهد القديم (كتابهم المقدس) خاصة في أسفار الأنبياء فجاء في سفر يوشع: ” لأَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ سَيَقْعُدُونَ أَيَّامًا كَثِيرَةً بِلاَ مَلِكٍ، وَبِلاَ رَئِيسٍ، وَبِلاَ ذَبِيحَةٍ، وَبِلاَ تِمْثَال، وَبِلاَ أَفُودٍ وَتَرَافِيمَ . بَعْدَ ذلِكَ يَعُودُ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَيَطْلُبُونَ الرَّبَّ إِلهَهُمْ وَدَاوُدَ مَلِكَهُمْ، وَيَفْزَعُونَ إِلَى الرَّبِّ وَإِلَى جُودِهِ فِي آخِرِ الأَيَّامِ”. (هوشع 3 / 4 – 5)
كما ظهر هذا المفهوم (المسيحانية) في فكر القبالاه (التصوف اليهودى) فيرون أن النهاية سوف تحل فجأة، وتؤسَّس مملكة داودية مثالية، هذه المملكة عند حلولها سيعيش الناس فيها في سلام بما فيهم الحيوانات، أما المسيح بحسب قولهم فهو ابن الإله أو ابن الإنسان الذي يعود بتوبة بنى إسرائيل من ذنوبهم، فيتمتعون بالحرية الكاملة، وتسقط عنهم الفرائض والشرائع . هذه اللحظة يتم فيها حلول الاله في الإنسان والمسيح
وقد حدد القباليون اليهود مهمة المسيح فيما يلى
جمع شتات اليهود المنفيين في أنحاء العالم
العودة باليهود إلى صهيون
تحطيم أعداء اليهود
إعادة بناء الهيكل
اتخاذ القدس مركزا للعالم والعدالة
إزالة الفقر ونشر المحبة وتخصيب الأرض
إنهاء مبدأ السعادة الفردية
ويحدد كتاب الزوهار – وهو المصدر المقدس لأصحاب عقيدة القبالاه – أن مجيء المسيح – أو العصر المسيحانى – سيأتى بظهور نجم من جهة الشرق يواجه سبعة نجوم تحاول القضاء عليه، وأن هذا النجم الواحد يمثل إسرائيل، أما النجوم السبعة الأخرى فهى الأمم التي تحارب إسرائيل في ذلك الوقت، حيث يأتي المسيح ويظهر في الجليل ليحارب ويحطم المملكة الشريرة، ويحقق الخلاص لشعبه
هذا وقد ازدادت هذه العقيدة قوة حين سيطرت عليهم فكرة تعويض ضياع مملكتهم الأرضية بمملكة سماوية يتحقق فيها السيادة بعد أن لاقوا أنواع الذل والنفي والاضطهاد من سائر شعوب العالم
وكان بداية مفهوم المسيحانية في فترة الأنبياء مرتبطة بضرورة توجه الفرد اليهودى لممارسة العبادات بتكثيف تلاوة الصلاوات من أجل النجاة. وظهرت في القبالاه اللوريانية نظرية الإصلاح (هاتيقون) حيث سيطر عليهم مفهوم التعجيل بمجيء المسيح المخلص، أو التعجيل بالنهاية
وقد أكد على هذه النظرية
وتقول أستاذتنا الدكتورة منى ناظم في كتابها القيِّم (المسيح اليهودى ومفهوم السيادة الإسرائيلية) تعليقا على رؤية أحبار التلمود لمفهوم المسيح المنتظر بقولها أن أحبار التلمود أشاروا أن هذا العصر سيشهد مجيء ملك يهودى من نسل داود ترسله السماء بقدرات حربية عسكرية ليقود بني إسرائيل ويضعهم على قمة السُّلَّم البشري، ويتصورون أن من شروط ظهور هذا المسيح وقوع حالة الدمار الشامل في الكون تتبعها من وجهة نظرهم حالة هدوءوسلام أبدي تتميز عندهم بسيادة بني إسرائيل على العالم فتأتي إليهم الشعوب خاضعة ومقدمة الهدايا والقرابين.. وفي هذه الصورة يوحد الأحبار بين الرب وبين بني إسرائيل، وتصبح عبادة الشعوب لصورة هذا الرب وخضوعا لبني إسرائيل في ذات . وهو ما اعتبرته الدكتورة منى ناظم تشويها لمصطلح المسيحاني عند اليهود، فأضافت قائلة: (لقد أدى تشويه المسيحانية عند أحبار التلمود إلى إفساد مفهوم الاختيار الدينى. فلقد كان مفهوم الاختيار في أصوله يقوم على اعتبار بني إسرائيل حملة لرسالة السماء التي أتى بها موسى في صورتها النقية الخالصة ليكونوا هداة للناس . وجاء مفهوم المسيحانية في صورته المشوهة ليطبع بصماته على فكرة الاختيار، فتحولت عن أصلها ضمن هذا السياق إلى اختيار يقصد به وضع بنى إسرائيل في نقطة السيادة على العالم)
كما تذكر د. منى ناظم القبالاه اللوريانية والتي ظهرت على يد إسحاق لوريا الذي اهتم بمفهوم الخلاص فترى أن المنحى العنصرى أصبح سمة أساسية في هذا المفهوم منذ عصر التلمود ونظرة الاستعلاء على كافة الأمم قد ازدادت على يد المفكرين القباليين الذين ادعوا بأن “شتات بنى إسرائيل هو تعبير عن شتات الكون كله، وأن خلاص إسرائيل هو رمز لخلاصه، واستردادها في العصر المسيحانى هو استرداد للكون، ورمز لوصوله إلى مرحلة الإصلاح والكمال النهائي
وخلال الفترات التاريخية في القرنين الخامس والسادس عشر ظهر مسحاء كثيرون زعموا أنهم المسيح المنتظر منهم بركوخبا، وأبو عيسى، وداود الرائي، وشبتاى زفي، وجوزيف فرانك، بهدف تعجيل النهاية، ولكن محاولاتهم جميعا باءت بالفشل ، أما أصحاب التصورات المسيحانية المتجذرين فى عقيدتهم فهم يرون أن فشل هؤلاء المسحاء يعد علامة من علامات قوة عقيدتهم؛ لأن هؤلاء المسحاء يتعذبون من أجل شعبهم ويرتدون إلى ديانات أخرى كالإسلام والمسيحية من باب التقية، وقد أطلق عليهم المسحاء الكذابون
وهكذا فإن استقاء فكرة مجيء المسيح في اليهودية وتحقيق الخلاص كانت بداياته من الفكر القبالى، ثم تفرعت من هذا الفكر الصهيونية الدينية التي تقوم على فكرة قداسة الأرض، وكانت أهم اتجاهات الفكر الصهيوني وعلى الأخص فكرة حلول الإله في الشعب والأرض استنادا إلى الميثاق الذى عقد بين الرب والشعب اليهودى، حيث أكدت الصهيونية الجديدة ان أرض إسرائيل لشعب إسرائيل وأنهما يرجعان لتوراة إسرائيل، وذلك هو ثالوث إسرائيل المقدس (الأرض– الشعب – التوراة)
السؤال الثانى: وما هو مفهوم المسيحانية عند الصهيونية المسيحية
هناك عددة مفاهيم للإجابة على هذا السؤال على شكل عناوين فنبدأ
الصهيونية المسيحية وأهم عقائدها ؟
هذا المصطلح فى الأصل مجموعة معتقدات صهيونية انتشرت بين قيادات واتباع كنائس بروتستانتية أصولية تأثرت باليهودية عقديا وايدلوجيا استنادا على تفاسير بعض نصوص الكتاب المقدس فيما يختص بنهاية الزمان و اسطورة هرمجدون الواردة في الكتاب المقدس . وانتشر في المناطق الأنجلوسكسونية فى أمريكا وبريطانيا وأيضًا فى هولندا فى القرن التاسع عشر
وتعتقد الصهيونية المسيحية بضرورة قيام دولة استرجاعية لليهود حتى يتحقق المجيء الثانى للمسيح وهذه العقيدة تمثل عصب العقيدة الألفية. ويعتقدون بضرورة تجميع يهود العالم فى أرض فلسطين تمهيدا لقدوم المسيح ليحكم فى فلسطين مدة ألف عام؛ ولهذا فعندما تحقق قيام إسرائيل عام 1948 اعتبره الصهاينة المسيحيون أعظم حدث فى التاريخ تصديقا لما ورد فى الكتاب المقدس
الدعم الصهيوني المسيحى لإسرائيل
تعتقد الصهيونية المسيحية أن دعم إسرائيل بالمساعدات والأسلحة الحديثة وتشجيع الاستيطان اليهودى فى فلسطين وفى الوقت نفسه توطين الفلسطينيين خارجها واستيعابهم فى البلاد العربية هو إرادة إلهية وتحقيق لنبوءات التوراة، ويؤمن الصهاينة المسيحيون أن حدود أرض إسرائيل من النيل إلى الفرات باعتبار ذلك وعدا إلهيا توراتيا، ويرون أنه على جميع الشعوب الكف عن تسليح اعداء إسرائيل
أما فيما يختص بالقدس فيعتقدون بأهمية السيطرة الكاملة عليها باعتبارها المدينة التى سيحكم فيها المسيح العالم كله، وأن القدس هى العاصمة الأبدية لإسرائيل، ويؤكدون على ضرورة نقل سفارات جميع الدول إليها. كذلك يؤمنون بضرورة بناء الهيكل، وبذل الأموال من أجل بنائه والإسهام فى إزالة جميع الأماكن الإسلامية المقدسة لتهيئة الأرض لبناء الهيكل اليهودى، ذلك عن طريق عدد من المؤسسات منها مؤسسة جبل المعبد، وتعد أكثر المنظمات الصهيونية المسيحية الأمريكية التي تهدف الى جمع الأموال والتجهيز لاقامة الهيكل فى القدس وتضم رأسماليين أمريكيين كبارا ورجال دين بروتستانتيين أصوليين
الموقف المسيحي تجاه الصهيونية المسيحية
الكنائس الشرقية تعارض الصهيونية المسيحية بشدة، ويعتبرون أنها تسيء استخدام الكتاب المقدس، وأنها تحث المسيحيين على تقديس إقامة دولة يهودية فى فلسطين، حتى إن بعض الاساقفة بالقدس اعترضوا على تسمية الصهيونية المسيحية، وأطلقوا عليها (الجماعات المتصهينة التى تدعى المسيحية) كما أن معظم الكنائس المسيحية فى القدس تدين هذه الحركة، وتعارض التفسير الحرفى للكتاب المقدس، ويعتبرون ذلك مخالفة لرسالة السلام والمحبة التى يدعو اليها السيد المسيح
ولا يعترف الكاثوليك بشعب الله المختار باعتبار أن اليهود هم الذين سعوا لقتل المسيح واتهموه صغيرا وكبيرا، وهم من قاموا بتسليمه إلى الحاكم الروماني، ويرفض البروتستانت الشرقيون أفكار الصهيونية المسيحية ويؤيدون تقسيم فلسطين بين العرب واليهود ، وولا يؤمن المسيحيون الشرقيون بالأساطير والعقائد الألفية الاسترجاعية، كما أن هناك كنائس بروتستانتية وإنجيلية وأرثوذكسية وكاثوليكية تدعم الكنيسة الفلسطينية وتعارض الأفكار الصهيونية
هل هناك تعارض بين الرؤية الصهيونية المسيحية للخلاص، وبين الرؤية الصهيونية، وكذلك المسيحية؟
هل الرؤية اليهودية للخلاص تتعارض مع الرؤية المسيحية ؟
بالطبع تختلف؛ ذلك أن الصهيونية المسيحية تؤمن بالمجيء الثانى للسيد المسيح عيسى عليه السلام، وأنه سيأتى فى آخر الزمان، ونصوص أناجيل متى ومرقص ولوقا ويوحنا تذكر قرب مجيئه الثانى، ويستعجلون قدومه، وترى الصهيونية المسيحية أن الخطة الإلهية للعودة الثانية للمسيح مشروطة باسترجاع إسرائيل لأرضها الموعودة، وأن شرط تحقيق الخلاص هو الوجود الصهيونى فى فلسطين وأن اليهود هم أداة الخلاص
بينما اليهود ينتظرون مجيء الماشيح من نسل داود بمعنى أنه غير السيد المسيح عيسى، وقد حاول أحد زعماء اليهود أن يمنيهم بمبدأ المصلحة المشتركة فيقول لهم: (أنتم تنتظرون المسيح للمرة الثانية، ونحن ننتظره للمرة الأولى ، فلنبدأ بناء الهيكل الثالث وبعد مجيء المسيح نسعى لحل القضايا المتبقية)
وعلى الرغم من ذلك فقد أصدر الأساقفة بيانا عام 1954 جاء فيه : (إننا نؤمن أن الله اختار إسرائيل الشعب المختار، وشعبُ العهد الجديد لا يمكن أن ينفصل عن العهد القديم، وانتظارنا لمجيء المسيح الثانى يعنى أملنا القريب فى اعتناق الشعب اليهودى للمسيحية مع محبتنا الكاملة لهذا الشعب المختار).
وتؤمن الصهيونية المسيحية أن للعودة الثانية للمسيح شروطا هى
– قيام دولة صهيون التي تجمع كل يهود العالم
– تعرض إسرائيل لهجوم من المسلمين
– وقوع مجزرة بشرية تستعمل فيها أسلحة مدمرة كيماوية، ويقتل فيها مئات الآلاف من كل البلاد.
– ظهور المسيح فى ذلك الوقت ليخلص المؤمنين، ويرفعهم فوق الأرض ليشاهدوا القتلى، ثم يبدأ حكمه لللعالم مدة ألف سنة (الألفية).
ويعتقد المسلمون أن السيد المسيح سوف ينزل قرب قيام الساعة بعد أن رفعه الله إلى السماء وفى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نهاية الأيام أنه قال: “والذى نفسى بيده ليوشكن ان ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا..” [السنن الكبرى للبيهقي 18395]
تبنت الصهيونية المسيحية عودة اليهود إلى فلسطين تمهيدا للخلاص ومجئ المسيح، فما علاقة القدس بمعركة آخر الزمان المعروفة باسم “هرمجدون”، وفق الفكر الصهيوني المسيحي ؟
هرمجدون بحسب المفهوم التوراتي (هي المعركة الفاصلة بين الخير والشر أو بين الله والشيطان وسوف تدار فوق تل مجدو، وتكون على إثرها نهاية العالم). ويقع تل مجدو شمال فلسطين على بعد 90 كم شمال القدس و30 كم جنوب حيفا ضمن منطقة عرب 48 ، بدأ اليهود استيطانها عام 1949 حيث استوطنها مجموعة من اليهود من المجر وبولندا والمكسيك والأرجنتين على أنقاض قرى عربية. وتلك المنطقة في التاريخ القديم حكمها المصريون قرونا طويلة في العصر الفرعوني.
والصهيونية المسيحية تهدف إلى خلق الفوضى في فلسطين للتعجيل بهذه المعركة، وقد أكد عدد من المفكرين منهم الكاتب اليهودي آرمن لانغر أن ترامب يهدف من نقل السفارة الأمريكية إلى القدس مباركة الإنجيليين الأمريكيين والصهيونية المسيحية الذين يتوقون إلى معركة آخر الزمان ( هرمجدون ).
العلاقة بين الأوساط السياسية الأمريكية والصهيونية المسيحية:
كانت أمريكا عبارة عن مجموعة مهاجرين من أوربا وآسيا وأفريقيا عبروا الأطلسى ولم تجمعهم لغة ، وتوحدوا على الإنجليزية، وتجمعوا على قصص التوراة حتى أصبحت التوراة جزءا من وجدانهم.
وتوجد كيانات أمريكية كثيرة تؤمن بالصهيونية المسيحية منها شهود يهوا، ومؤسسة جبل المعبد، وفرسان الهيكل، وتدعمها شخصيات عامة دينية وسياسية تتبنى رؤيتها آملين فى الحصول على الخلاص وتحقيق الرسالة الإلهية.
وقد مثل المد الدينى عاملا حيويا وأساسيا فى مساندة الولايات المتحدة الأمريكية لإسرائيل وخاصة رؤساء أمريكا، وتساعدهم فى ذلك الصهيونية المسيحية، ويعتقدون أنهم يساعدون الله باقامة دولة يهودية فى فلسطين للتعجيل بنهاية الزمان. ويوجد عدد كبير من رؤساء أمريكا ينتمون عقائديا وأيدلوجيا إلى الصهيونية المسيحية منهم ويلسون وهارى ترومان وأيزنهاور و جونسون ونيكسون وجيمى كارتر – الذى حين تولى الرئاسة أعلن انه ولد من جديد لدعم الوجود الإسرائيلى فى فلسطين- ورونالد ريجان، وبالطبع عائلة بوش الأب والابن، ثم ترامب ، ثم بايدن، ثم ترامب مرة أخرى وتداعياته الأخيرة، وهم جميعا يعملون على تثبيت شرعية إسرائيل فى فلسطين تحقيقا للنبواءات التوراتية والتعجيل بعودة المسيح.
وتتفق الصهيونية مع اليمين الأمريكى فيما يلى :
– كل مسيحى يجب ان يؤمن بالعودة الثانية للمسيح .
– أن قيام إسرائيل واحتلال القدس خاصة يساعد في التعجيل لهذه العودة ولهذا يجب دعمها، فالدعم الأمريكى لإسرائيل التزام دينى ضروري وليس اختياريا.
– كل عدو لإسرائيل يعتبر عدوا لله .
– ضرورة الاعتقاد أن عودة المسيح الثانية لن تأتى إلا بالايفاء بوعود العهد القديم لإسرائيل، وعلى رأسها تأسيس دولة وبناء الهيكل الثالث
هل يساير هذا اقتحامات الأقصى التي أصبحت ظاهرة
نعم ان اقتحامات الاقصى ترتبط بإعادة بناء الهيكل الذى يعتبرونه شرط من شروط مجئ المسيح المخلص .
هل مسيحهم غير مسيح الفرق اليهودية الأخرى ؟
هذا سؤال يحتاج الى الحديث عن فرق اليهودية وهم كُثر ولكن نستطيع القول أن كل الفرق اليهودية تعتقد بمجئ المسيح المخلص في نهاية الأيام لكنها تختلف في كيفية مجيئه.
فقد آمن أبناء الفرقة الآسينية بقدوم مسيحيين فى آخر الزمان، الأول مسيح روحى وهو الكاهن من سبط هارون (سليل صدوق)، والثاني، مسيح زمنى (سليل داود) يكون ملكًا، والكاهن سوف يسبق الملك.
وكان الحاخام موشيه طياطلباوم (1759 – 1841) القبالي يؤمن أنه لا عودة إلى الأراضى المقدسة إلا بمصاحبة المسيح المنتظر، ونظرًا لانجذابه للمفاهيم الصوفية اليهودية، عاش طيلة حياته منتظرًا مجئ المسيح المخلص فيُروى أنه كان كلما سمع ضوضاء فى الشارع يسأل مريديه ” هل أتى المسيح؟ ” وكان دائماً يضع ملابس جديدة بجوار سريره لارتدائها عند قدوم المسيح، ويأمر خادمه أن يوقظه لحظة سماعه بقدوم المسيح، وظل على هذه الحالة حتى وفاته.
وهناك حركات انبثقت من عقائد القبالاه خاصة فكرة المسيح المخلص ومنها الحركة الشبتائية (شبتاى زفى) الذين اعتقدوا أن شبتاي هو المخلص، والحركة الفرانكية الذين أكدوا أن يعقوب فرانك هو المسيح المخلص.
والحركة الحسيدية ومؤسسها (إسرائيل بن اليعزر) “بعل شيم طوف” وهم من رفضوا في بداياتهم إقامة دولة يهودية قبل مجيء المسيح، ثم تماشو مع الصهيونية في إقامة الدولة واستعجال قدوم المسيح.
وحركة حبد ومؤسسها “شنياءور زلمان” التي تؤكد على بعض المفاهيم المستوحاة من كتب “القبالاه” وخاصة “الزوهر” مثل الحفاظ على الوجود اليهودى، وإعداد العالم لقدوم “المسيح المخلص”. وعلى الصعيد السياسى تقوم هذه الحركة بتشجيع الفكر الصهيونى الذى ينادى بالدعوة لاستيطان واستعمار الأرض بالقوة حيث نادت بوضع سياسات حازمة ضد العرب، والعمل من أجل تحقيق مشروع “أرض إسرائيل الكبرى” (من النيل إلى الفرات). وغيرهم كثيرون وكل منهم يحتاج إلى دراسة منفردة .
ونستطيع القول أن المصادر نفسها بالعهد القديم، تختلف عن التلمود، والتلمود يختلف عن القبالاه، والقبالاه تنقسم الى قديمة (تقليدية) وحديثة (لوريانية) والقبالاه اللوريانية هي التي تماشت مع الفكر الصهيوني.
كذلك فإن هناك العديد من العقائد الشرقية القديمة تأثر بها الفكر القبالى مثل الغنوصية والصابئة والهندوسية والزرادشتية إلى جانب الديانة المسيحية ، كل هؤلاء توجد لديهم فكرة المخلص، ولكن بكيفيات مختلفة بعضها عن البعض، وقد تأثرت بها القبالاه خاصة في العصور الوسطى ، وكل منها يحتاج إلى دراسة خاصة والتعرف بكيفية التأثر والتأثير من هذه العقائد.
ما تصورهم لإسرائيل التي يريديون ، وكيف يتعاملون مع هذه الدولة ، عكس فرقة النطاورى كارتا الذين يريدون إسرائيل بعد المسيح لا إسرائيل الحالية ؟
فرقة ناطورى كارتا حركة يهودية أرثوكسية متطرفة تعارض الصهيونية ، كما تعارض وجود دولة إسرائيل، مثلها مثل كثير من الحركات الرافضة للصهيونية ، وناطورى كارتا تعنى بالآرامية “حارس المدينة” وقد ظهرت في ثلاثينيات القرن العشرين ، وتؤمن بأن الدولة اليهودية لا ينبغي أن تكون قائمة إلا بعد عودة المسيح ، ورغم أنها ليست جماعة رئيسية في اليهودية ، إلا أنها ظاهرة منتشرة ومعروفة نتيجة للمظاهرات والاحتجاجات التي تقوم بها ضد دولة إسرائيل ، كما أنها معروفة بالتعاون مع الجماعات المناهضة لإسرائيل والصهيونية ، ولديها صلات قوية بحركة الساطمار المعادية لاقامة دولة لإسرائيل قبل مجيء المسيح المخلص .
وتعتقد حركة ناطوري كارتا بأن سبي اليهود لا يمكن أن ينتهى إلا بعودة وظهور المسيح المخلص، وأن المسيح المخلص سوف يُرسى دولة دينية يهودية تحكم أرض إسرائيل في نهاية الأيام، وأن المحاولات البشرية لإقامة السيادة اليهودية على أرض إسرائيل هي خطيئة كبرى طبقا لما جاء في النصوص المقدسة بالعهد القديم والتلمود، فلا شرعية عندهم لإقامة دولة يهودية قبل قدومه آخر الأيام ليحقق قيامة الأموات وليجمع المنفيين من اليهود ويعود إلى الشريعة التوراتية الكاملة.
كذلك جماعة الساطمار الرافضة أيضًا للصهيونية والتي أعلنت أن قيام دولة إسرائيل عام 1948 كان معوقًا لظهور المسيح المخلص ولولا ظهور الدولة لظهر المخلص .
فلم تر الحركة الصهيونية منذ بداية تاريخها عداءً من زعيم دينى يهودى مثلما رأت من زعيم الساطمار الروحى “يوئيل طياطلباوم ” الذى اتهم الصهيونية علنًا بالهرطقة والكفر، والكذب والخداع، واعتبر إقامة دولة يهودية – قبل قدوم المسيح المخلّص – خطيئة كبرى من شأنها تأخير خلاص الشعب اليهودى وزيادة معاناته .
وقد صرح الساطماريون أن التوراة لا تجيز الانضمام إلى الحكومة الإسرائيلية، وإن كانت مؤلَّفة من يهود يتّبعون التوراة، فالنهى عن إنشاء دولة لليهود قبل ظهور المسيح المخلّص باق دائماً .. ..
ويذكِّرون بقَسَم اليهود الوارد فى التلمود على ثلاثة أشياء وهى: أن لايذهبوا إلى فلسطين جماعات بالقوة، وألا يثوروا على حكومات البلدان التى يعيشون بينها، وألا يؤخروا بواسطة ذنوبهم قدوم المسيح المخلّص.
ويرى الحاخام يوئيل طياطلباوم أن ما جرى لليهود من أحداث النازية هو عقاب من الله للشعب اليهودى الذى خالف وصاياه، كما خالف يوئيل الرأى الذى يقول أن قيام الدولة اليهودية يمكن أن يحدث بالجهود الذاتية البشرية دون انتظار الفعل الإلهى المتمثل فى قدوم المسيح المخلّص فيؤكد: “ان المسيح هو الذى سيقوم بإنشاء الدولة، والعودة بيهود الشتات إلى فلسطين، وإقامة مملكة الرب التى سوف تستمر لألف عام يعيشها العالم فى محبة ورخاء وسلام” .
واستمر يوئيل فى تأكيده على أن المسيح المخلّص لن يظهر إلا عندما يتم إزالة هذه الدولة، مؤكدًا على عدم قدرة اليهود المتدينين على إزالتها فى الوقت الحالى إلا بمساعدة وعون من الله
هل انتشار هذا التيار (المسيحانية) وبروزه في القيادة في إسرائيل يضر الأمن القومى العربي ؟!
بالتأكيد فإن هذا التيار له خطورته على الأمن القومى العربى، فالولايات المتحدة الأمريكية تؤمن بعقيدة المرمونية التي تحدثنا عنها في مقال سابق، وتؤمن بأن صهيون هي أورشليم الجديدة، وان المسيح المخلص سيسود الأرض لتكون متجددة ومجيدة، كذلك يؤمنون بضرورة بناء الهيكل وبذل الأموال لبنائه والإسهام في إزالة جميع الأماكن الإسلامية المقدسة وعلى رأسها المسجد الأقصى ، وتلك هي الإشكالية الحالية التي يؤمن بها ويقدسها الرئيس ترامب، ويعمل بكل جهده لتهجير الفلسطينيين، إضافة إلى إبادة البقية الباقية من سكان غزة.
أما من ناحية الصهاينة فلا يزال الإصرار على عقيدة قداسة الأرض والشعب والتوراة والتنبؤات التي تتناول هذا الثالوث، والتي يوظفون نصوصهم الدينية عليها .
كذلك لا تزال الأسس والعقائد القبالية في التوجهات الصهيونية، تتبنى فكرة مجيء المسيح المخلص وتحقيق الخلاص حيث ظهر اتجاه قبالي حديث يتقارب مع مفهوم الإبراهيمية الذى تدعمه الولايات المتحدة وإسرائيل والرامى إلى توحيد الأديان والصلوات في مكان واحد تختلط فيه اليهودية والمسيحية والإسلام.
وتلك هي الخطورة التي تلعبها الصهيونية الأمريكية تحت مسمى الاتفاق الإبراهيمى للسلام في حين يتم إبادة الشعب الفلسطيني برجاله ونسائه وأطفاله الرضع.
كيف نواجه هذا التيار ؟
إن مواجهة هذا التيار تكون بدراسة الفرق اليهودية مختلفة الاتجاهات وتحليلها علميًّا ومنهجيًّا والكشف عنها سواء المؤيدة للصهيونية وإقامة الدولة او الرافضة لها وبيان مقاصدها، والاستشهاد ببآراء الحركات الرافضة للصهيونية لدحض مبادئها وكشف زيفها، وكذلك بالرد العلمي والمنهجي على الآراء والنصوص والتنبؤات التي تقوم الصهيونية المسيحية بتأويلها وتوظيفها لتحقيق أغراضهم.
رئيس قسم الخدمة الإجتماعية وعضو لجنة العلوم الإنسانية بالجمعية
0 Comments